كلمة رثاء في المرحوم علي يوسف نويهض

 

حُــكـــمُ المــنيـّـة في البــريَّـــة جـــــارِ                          مـــا هـــذه الـــدنيــا بــدار قـــرارِ

بــيــنـا تــرى الإنــسان فيـها مخبّــرا                          فكــأنـّـه خـــبـــرٌ مــــن الأخــبـــارِ

   فقيدنا الراحل كان من أهل المروءات، ندر أن تغيَّب عن إداءِ واجب، حضور مأتم، متنيًّا كان أم غربيًّا أم شوفيًّا.

   فمنذ قرابة شهر، وقف خطيبًا في بلدة "جباع الشوف"، يؤبِّن مناضلًا لبنانيًّا عربيًّا، هو المرحوم "نصري سليم" شقيق أحد أبطال وشهداء ثورة عام 1925 المرحوم "فؤاد سليم"، رفيق قائد الثورة "سلطان الأطرش"، وكان لتأبينه وقعٌ مؤثّر في الأفئدة، أفرز في مآقي عيون السامعين العَبَرات، لما فيه من بلاغة مبنى وصدق معنى؛ وها نحن اليوم، تُرانا نقف مؤبّنين للذي أبّنَ، مودّعين لمناضل آخر، طينته من طينة الشهداء الأبرار ومن مدرسة مَن يُحتَفَل بذكرى استشهاده الرابعة اليوم، جماهير لبنان (وأركان أحزابه الوطنيّة والقوميّة)، وجمهرةٌ من قادة العرب والعالم التقدميّ الشرفاء، المناضل الأكبر، الغائب جسدًا والساكن روحًا ومبدأ كلّ القلوب، "كمال جنبلاط".

   إنّ أبا يوسف معروفيّ صميم ولبنانيّ مخلص، وعربيّ لا غبار على عروبته، ابن بيت عريق في أصوله اللبنانيّة العربيّة؛ والده المرحوم "يوسف سليم نويهض" كان مثالًا يُحتذى في المحامد والكرم والوفاء والمحبّة والتقاليد الصالحة.

   أخوه الأستاذ عجاج نويهض (عافاه الله)، بلبل المنابر في شبابه وكهولته، أشهر من أن يعرّف عنه.

   راحلُنا علي، رجلٌ عصاميٌّ، عالي الثقافة، خرّيج جامعة بيروت الأمريكيّة، ومن كبار المعلّمين المربّين، أفنى الجزء الأوفر من حياته في تربية الناشئة وتعليمها وتثقيفها، في فلسطين، في العراق ومن ثمّ في لبنان، والمدينة المنوّرة بالمملكة العربيّة السعوديّة؛ وهو بهذه الصفة، ذو فضل عميم، يعرفه له كلّ تلاميذه، الذين استضاؤوا بنور علمه، واهتدوا بمصباح مناقبه ووطنيّته، ويكاد ينطبق عليه ما قاله أمير الشعراء:

قـــم للمـعلّــم وفـــه التبـــجيـــلا      كــاد المـعـلّــمُ أن يكـــونَ رســـولا

                                                يوسف س. نويهض